علم الاجتماع
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مفهوم المعرفة في الفلسفة.

اذهب الى الأسفل

مفهوم المعرفة في الفلسفة. Empty مفهوم المعرفة في الفلسفة.

مُساهمة من طرف Admin الثلاثاء ديسمبر 08, 2015 8:10 pm

مفهوم المعرفة في الفلسفة.
لقد سعي الفلاسفة منذ فجر الحضارة الإنسانية إلي الوصول إلي تعريف مثالي وشامل للمعرفة ، فوصفها أفلاطون أنها “إعتقاد مبرر وصحيح” حيث يشترط ذلك التعريف أنه يجب علي الإنسان لكي “يعرف” شيئاً ما أن يكون موضوع ذلك الشئ صحيحاً في ذاته وأن يحوز الإنسان تبريراً منطقياً سليماً لمعرفة صحة ذلك الموضوع[i] ، فيشترط ذلك التعريف تحقق ثلاثة شروط لكي يطلق القول بمعرفة أطروحة ما : أن تكون تلك الأطروحة صحيحة ، ومبررة ، وأن يكون الإيمان بها/بصحتها مبرراً كذلك ، وكذلك عرفها معظم الفلاسفة الإغريق أو بتعريفات قريبة من ذلك ، وهذا التعريف يشمل معرفة القضايا الغير مدركة بالحس ، أو القضايا الميتافيزيقية ، لذلك فقد قام فلاسفة عصر النهضة الأوروبية مثل لوك وبيكون وهيوم بنقد هذا التعريف لعدم تقيده بالحس البشري ، فيعرف لوك المعرفة بأنها “إدراك الصلة والموافقة أو اللاموافقة بين الأفكار” وعرفها بشكل أدق عندما قام بتقييدها بالإدراك الحسي: “المعرفة مبنية بأكملها ومستمدة من الحواس أو ما يماثلها مما يمكن أن نطلق عليه الإحساس” ، وبينما يشتمل تعريف أفلاطون الكلاسيكي للمعرفة علي المعارف المدركة بالحس والاعتقاد والتخيل وغير ذلك ، فيقتصر تعريف لوك للمعرفة علي ثلاثة طرق للإدراك فقط : الإدراك التلقائي ، والإدراك التعلُّمي والإدراك الإحساسي ، فالإدراك التلقائي عند لوك هو ذلك الإدراك الذي لا يتطلب تدخل أي أفكار أخري لتحققه مثل إدراك الإنسان لوجوده فهو إدراك لا يحتاج لأي إثبات فكري أو منطقي ، بينما يتطلب الإدراك التعلُّمي تداخلاً لعدد آخر من الأفكار لتحقيق إدراك الفكرة محل البحث ، أما الإدراك الحسي فهو إدراك أي ظاهرة واقعة تحت النطاق الوظيفي لأحد الحواس الإنسانية الخمسة ، أما أي نوع من المعرفة لا يتحقق بهذه الطرق الإدراكية فلا يدخل في نطاق المعرفة عند لوك[ii] ، وبهذا أتم لوك عمل فرانسيس بيكون في إرساء أهم أصول المنهج العلمي التجريبي ، وأتي ديفيد هيوم أحد المعاصرين للوك لكي يتمم أصول ذلك المنهج الفكري بالخلاف الشهير الذي وضعه مع مبدأ الإدراك التلقائي ، حيث اقترح هيوم أن إدراك الوجود غير ممكن في ظل المبادئ التي أرساها لوك نفسه إذ أن استثناء إدراك هذا الوجود من اشتراط وجود أدلة عليه غير مبرر.
مما لاشك فيه أن موضوع نظرية المعرفة والأسئلة التي تطرحها تلك النظرية مثل تلك التي تتعلق بماهية المعرفة وطرق الوصول إليها واستدامتها وغير ذلك قد خضعت لقدر هائل من البحث والتأليف خلال رحلة الحضارة البشرية منذ بداية الوجود الإنساني إلي يومنا هذا ، ويمكن القول بشئ من الدقة أنه ليس ثمة تعريف متفق عليه وحاسم للمعرفة البشرية ، وأن كل التعريفات السابقة وغيرها قد خضعت لقدر لا يستهان به من النقد والتمحيص ، فعلي سبيل المثال معرفة حقائق الأشياء عند كانط مستحيلة كلياً ، حيث يفرق كانط بين ظواهر الأشياء وحقائقها ، حيث تختص الحواس البشرية بالتعرف علي ظواهر الأشياء فقط بينما لا يوجد لدي الإنسان ما يمكنه من معرفة الحقائق التي تكمن خلف تلك الظواهر ، وبما أن الافتراض بأن ظواهر الأشياء تعبر دائماً عن حقيقتها الكلية بدقة متناهية هو فرض يستحيل إثباته ، فتصبح المعرفة عند كانط متعلقة فقط بظواهر الأشياء ، وتصبح معرفة أبسط وأصح قواعد المنطق والرياضيات لا تمثل معرفة حقيقة ما تمثله تلك القواعد في الكون بل تمثل فقط الظواهر التي يمكننا إدراكها بحواسنا والتي لا تمثل بالضرورة قدراً معتبراً من الحقيقة ، ويعتبر كانط أن المعرفة الميتافيزيقية هي التي تختص بحقائق الأشياء التي لايمكن للإنسان أن يدركها بحواسه ، وبصرف النظر عن موقف كانط من الميتافيزيقا ورفضه الحاسم لها في مقابلة المنهج العلمي ، فإنه يعود إلي التعريف الأفلاطوني للمعرفة والذي يشمل الميتافيزيقا معاكساً بذلك أطروحة التجريبيين بأن مالايمكن إدراكه بالحواس لا يعتبر من ضروب المعرفة من الأساس.
كتب برتراند راسل وهو واحد من أهم فلاسفة القرن العشرين عن هذه الإشكالية ، إشكالية انعدام تعريف عام وشامل وصحيح للمعرفة البشرية ، فقال: “لسوء الحظ إن التوصل لتعريف للمعرفة هو أمر بالغ الصعوبة…” ويقسم راسل – تبعاً لكانط – المعرفة البشرية إلي قسمين القسم الأول معرفة الأشياء والقسم الثاني معرفة الحقائق[iii] ويذهب إلي أن إدراك الأشياء يتأتي باستخدام الحواس البشرية أما إدراك الحقائق فلا يتأتي بذلك وإنما يصبح متاحاً باستخدام ما أسماه راسل بـ(الإستنباط) وهو نشاط عقلي خاضع لقواعد العلم التجريبي ومستقل ورافض تماماً للميتافيزيقا ، ويذهب راسل الذي يعتبر أشهر فلاسفة الإلحاد في القرن العشرين إلي أن إدراك حقائق الكون العليا ممكناً عن طريق الاستنباط ، وهو ما يفتقر إلي الصحة المنطقية من الأساس إذ أن الاستنباط التجريبي يقود إلي “فرضيات” أو “نظريات” يحول بينها وبين اعتبارها “حقائق عليا” حوائل متعددة تبدأ باستحالة الإثبات الحسي وتنتهي بعدم القدرة علي التعميم الكلي لهذه الفرضيات بالنسبة للزمن والإدراك.
كان هذا عرضاً لمفهوم المعرفة البشرية في التراث الغربي/الأوروبي ، وهو كما يظهر للقارئ ممتلئ بالتناقضات والصراعات ، علق عليه المرحوم الدكتور أحمد فؤاد باشا[iv] قائلاً “…وقد وضعت في هذا المباحث عشرات المذاهب المادية والروحية المتنازعة فيما بينها علي قيود المعرفة وحدود اليقين في الوصول إلي الحقيقة. فعلي سبيل المثال لا الحصر تنكر الفلسفات الواقعية اعتبار العقل أداة لمعرفة الحقيقة ، ويرفض أصحاب الوجودية قدرة العقل علي إدراك التجربة الإنسانية الحية والإلمام بعلاقة الإنسان بالكون ، ويوحد أصحاب الفلسفة العلمية البراجماتية بين معني الفكرة وآثارها العملية في حياة الإنسان ، ويعتقد أصحاب النزعة العلمية المتطرفة أن الحقائق لا تكون إلا في العلم الطبيعي وحده ، ومن هؤلاء أصحاب الفلسفة التحليلية وأصحاب الفلسفات النسبية الذين استبعدوا الميتافيزيقا وكل تفكير قبلي من نطاق البحث بحجة أنها عقيمة غير نافعة من جهة ، وأنها تمثل مرحلة سابقة علي التفكير التجريبي الناضج من جهة أخري ، ومن بين فرقهم أيضاً أنصار التجريبية المنطقية أو الوضعية المنطقية الذين يتركون للعلم مهمة تفسير الكون بأسرها علي أن تؤسس نظرية المعرفة علي تحليل نتائج العلم فقط.” ، ويري الدكتور صلاح قنصوة[v] أن جزءاً كبيراً من الخلاف حول تعريف المعرفة يمكن حسمه بتقسيمها إلي ثلاثة أقسام رئيسية : العلم ، اللاعلم ، وغير العلم ، فالعلم هو بحث نظري أو جهد مبذول للمعرفة والفهم الذي يحيط بظواهر الطبيعة علي أن تشمل الطبيعة كلا من الإنسان والعالم المحيط به[vi] ومن ثم التحكم في تلك الظواهر واستغلالها ، أما اللاعلم فيشمل الأنشطة التي تهدف لنفس هدف العلم ولكنها تضاد العلم في طريقة إثباتها لأطروحاتها وعدم تقيدها بالمنهج التجريبي في الاستدلال مثل السحر والتنجيم ، أما القسم الثالث من أقسام المعرفة ، غير العلم ، فيشمل الفن والدين والفلسفة والأيدولوجيا ، وهو قسمٌ معرفي لا يتفق مع العلم لا في أهدافه ولا في منهجه ، ويجزم الدكتور قنصوة – مؤيداً لفيجل[vii] – أنه “مهما يتقدم العلم فلن تجور حدوده علي مناطق نفوض تلك الأنشطة والمجالات ومن هنا تختلف صلة العلم بها عن صلته بما هو لاعلمي أو مضاد للعلم.”

منقول عن الاخ Hakim Elkaissi
Group Sociologie S1

Admin
Admin

المساهمات : 3
تاريخ التسجيل : 28/11/2015

https://sociologie.rigala.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى